الود الرباني علامة الحب الإلهي وقبول الناس
العقيد محمود سويدان 🇪🇬
أن تُرزق محبة الناس دون سبب ظاهر أو مصلحة دنيوية، وأن تجد القلوب تأنس بقربك وتستلطف وجودك، لهي نعمة عظيمة وبشرى خير تُثلج الصدر. إنها ليست مجرد قبول اجتماعي عابر، بل قد تكون إشارة ربانية إلى مكانة خاصة وعلاقة طيبة بين العبد وربه. فما يخرج من القلب يصل إلى القلب، والمحبة الصادقة التي يلقيها الله في قلوب عباده هي دليل على محبته سبحانه وتعالى.
لقد أوضح القرآن الكريم هذا المعنى السامي في آية عظيمة، حيث قال الله تبارك وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدًّا} (مريم: 96). هذه الآية الكريمة تحمل في طياتها وعدًا إلهيًا لمن آمن بالله حق الإيمان، وعمل الصالحات بصدق وإخلاص. فجزاؤهم ليس فقط الثواب العظيم في الآخرة، بل يضاف إلى ذلك الود، أي المحبة والقبول في قلوب العباد في الدنيا. وهذا الود الرباني هو الذي يجعل الناس يميلون إليك بالفطرة، ويشعرون بالراحة والطمأنينة في صحبتك، دون أن تكون قد سعيت جاهدًا لكسب ودهم بوسائل مصطنعة.
إن أعظم بشرى يمكن أن يحصل عليها الإنسان في حياته هي أن يعلم أن الله أحبه. وإذا أحب الله عبدًا، حببه إلى خلقه.
وقد ورد في السنة النبوية الشريفة ما يؤكد هذا المعنى الجليل. فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَبْدَ نَادَى جِبْرِيلَ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحْبِبْهُ، فَيُحِبُّهُ جِبْرِيلُ، فَيُنَادِي جِبْرِيلُ فِي أَهْلِ السَّمَاءِ: إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ فُلَانًا فَأَحِبُّوهُ، فَيُحِبُّهُ أَهْلُ السَّمَاءِ، ثُمَّ يُوضَعُ لَهُ الْقَبُولُ فِي الْأَرْضِ" (متفق عليه).
هذا الحديث النبوي الشريف يوضح تسلسل المحبة والقبول. تبدأ المحبة من الله تعالى، ثم تنزل إلى الملأ الأعلى، فجبريل عليه السلام ينادي في أهل السماء، ويستمر هذا النداء حتى يُوضع القبول والمحبة لهذا العبد في الأرض. فالقبول والمحبة التي يجدها الإنسان في قلوب الناس ليست مجرد صدفة، بل هي نتيجة لفضل الله وكرمه، وعلامة على محبته سبحانه وتعالى لهذا العبد.
إن محبة الله تعالى لا تُنال بالأماني، بل بالعمل الصالح، والإيمان الراسخ، والتقرب إليه بالنوافل بعد أداء الفرائض، وحب الطاعات، وكراهية المعاصي، والتحلي بمكارم الأخلاق. فكلما ازداد العبد قربًا من ربه وطاعة له، كلما زادت محبة الله له، وانعكس ذلك على قبول الناس له.
فنسأل الله العظيم أن يرزقنا حبه وحب من يحبه، وحب كل عمل يقربنا إليه، وأن يجعلنا ممن يضع لهم القبول في الأرض، وأن نكون من الذين آمنوا وعملوا الصالحات، فيجعل لهم الرحمن ودًا.
اللهم ارزقنا حبك، وحب نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، وحب أزواج نبيك وآل بيته الطيبين الطاهرين، وحب صحابته الغر الميامين، وحب من أحبك، وحب كل عمل يقربنا إلى حبك يا أرحم الراحمين. اللهم اجعل حبك أحب إلينا من أنفسنا وأهلينا والماء البارد على الظمأ.اللهم رب العالمين آمين،،
وصل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
والله أعلم
الفقير إلى الله محمود سويدان
1 تعليقات
اطيب رجال اخي العقيد.محمود.كل توفيق وااخير لكل وكل اسرتك الكربمة
ردحذف