الشرف
بقلم الكاتبة الجزائرية حكيمة جعدوني 🇩🇿
فَسَدَ كلُّ شيءٍ، فَسَدَتِ المُجتمعاتُ
زَمنٌ أضحى فيهِ الشَّرَفُ يذهبُ ويَعودُ،
يَتَصادَمُ مع منسوجاتِ العصرِ
ويَزخَرُ بالتَّضاؤُلِ
أخطَؤوا في فَهمِ مَعانيهِ،....فليسَ هو ما يَعتقدون،
بل هو كلُّ شيءٍ في الرُّوحِ، .... إذا فَسَدَ فَسَدَتْ سائرُ القِيَمِ.
أخلَطوا بينَ الشَّرَفِ واللُّزومِ،... فاصطادوا الوُقوعَ في غيرِ الثَّباتِ.
أسْرَفوا في الكلامِ بغيرِ مَنْفعةٍ،... وبكثرةِ أذيَّةٍ،
أعطَوا وُعودًا زائفةً،... وطبَّقوا الخُذلانَ،
رأَوا في الخيانةِ موضةَ الأوقاتِ،....وتفنَّنوا في أعذارِهم حِيالَها.
لقد تَخَلَّى البشَرُ عن شرفِ هُويَّتِهم،...وضاعتْ ماهيَّةُ أوضاعِ أفكارِهم،
فخلَطوا بينَ مَفهومِ الشَّرَفِ،...وطبيعةِ انفعالاتِهم.
نَسُوا أنَّهُ يُرافِقُهم من جيلٍ لِجيلٍ،...وهو إرثُهم الوحيدُ،
عصَوهُ وخرجوا عن مِلَّتِه،...وساحوا في منطلَقاتِ التَّفاهةِ.
فإنعدامُه:
هو أنْ تَدَّعي الفتاةُ شرفَ التَّحصُّنِ والعفَّةِ،...وتَحمي جسدَها من تَعريَةِ الواقِع،
في حينِ تَفتحُ مِصراعَي الذُّلِّ على نَفسِها،...وتَقبلُ بالإهانَاتِ، وتَتعرَّضُ للاستهزاءِ بصَدرٍ رَحبٍ،
ألا تَسقُطَ في ما يُطيحُ بكرامتِها،... ويَتعذَّرَ عليها نُطقُ الرَّفْضِ أمامَ الغَيرِ.
فقدَ الناسُ أصلَ الحياةِ،...حيثُ الأوقاتُ سارَتْ بينهم بسَوطِ المَهزَلةِ والاستعبادِ،
أتلفوا سُلَّمَ البراءةِ،... وغشُّوا في ميزانِ العدالةِ،
تَفاهَموا مع الظَّالِمِ،... وتَحالَفوا ضدَّ المظلومِ،
استَقوَوا وبارزوا الضَّعيفَ دونَ كُفءٍ،... ونَصَروا القويَّ في خِضَمِّ مُنكَرِه.
باعوا نسلَهم للتَّلويثِ،... عَنَّفوا التَّائِبَ،
وكرَّموا المُذنِبَ،
استَيقظوا مع الغُروبِ،... وناموا عندَ الشُّروقِ،
صَمتوا عنِ الحَقيقَةِ،... وباعوا كلماتِهم لأشباحِ التَّحريفِ.
أخفَوا تَمنُّعَهم،... وسامَحوا في حقِّهم،
الحقُّ في قولِ "نَعَم"،...وكاملُ الحقِّ في قولِ "لا".
انساقوا وراءَ المَظهرِ،... وأهملوا الجَوهَرَ،
اصطَفُّوا أمامَ محكمةِ السَّفالةِ،... وهَجَروا بوَّابةَ العدالةِ.
هذا نَهبَ الشَّرَفَ،... وذاكَ سرَقَهُ،
غيرُهم كذَّبَ على الشَّرَفِ،.. وأكبَرُهم فسَحَ مجالًا واسعًا لجريمةِ الشَّرَفِ، رَقَصتْ فيهِ بشَتَّى الحركاتِ.
الغَلبَةُ للقويِّ الشَّريفِ،...كيفَما كانت صفاتُه،
والفشلُ للشَّرَفِ الضَّعيفِ،...وإنْ كان صَفِيَّ الرُّوحِ...
تَرجَّلتِ الفتياتُ،...وتَخنَّثَ الرِّجالُ،
وأصبحَ جلُّ الرِّجالِ ...في خبرِ كانَ من الرُّجولةِ،
كَسلٌ وتواكُلٌ، ومَرَحٌ،...وجُمودُ فِكرٍ، وتلاعُبٌ...
إنَّ الشَّرَفَ ليسَ وضعَ القُفلِ ...على عُذريَّةِ الجَسدِ وفقط،
بل تَحكيمُ الفِكرِ العظيمِ،...دونَ إهمالِ شرفِ الواجبِ،
أو السُّخريةِ من شرفِ طاعةِ الوَفي،... كتأنيبِ شرفِ العفيفِ، وشَتمِ شرفِ المُتضرِّرِ...
الوِشايةُ شتاءً،... والتَّحريضُ صيفًا،
وما تَبقَّى من الفُصولِ،... مُخصَّصٌ للنَّكايةِ بالشَّرَفِ،
والاتِّهامِ، وغُرورِ المواقفِ،... وأنانيَّةِ الرَّغباتِ...
انْهارتْ طيبةُ الكلمةِ،...وانتحَرَ شرفُ الاحترامِ،
ولم يَتبقَّ للقولِ بُدٌّ،...إلا لِيأسفَ من تَجوالِ حَرفِه،
فما إنْ تَحضُرَ تِلكَ المعاني،...يَنعدِمُ الشَّرَفُ الحقيقيُّ...
نينارايسكيلا
1 تعليقات
تهانينا لك
ردحذف