أزمة قلبية... بين انشطار الذات ومرارة الخذلان اشرف ضلع يحلل نص الروائي محي حافظ
بقلم: أشرف ماهر ضلع
في زمنٍ يضجّ بالخذلان، وتغدو فيه المشاعر رخيصةً على موائد التظاهر، تأتينا قصيدة "أزمة قلبية" للشاعر محي الدين محمود حافظ لتوقظ فينا أسئلة الوجود والهوية والعاطفة في أصدق لحظاتها.
القصيدة ليست مجرّد كلمات بل حالة شعورية مكتملة، تضع القارئ مباشرة في قلب المعركة النفسية بين العقل والقلب، بين المنطق الجاف والحنين الموجع. صوتان يتنازعان جسدًا واحدًا، حيث يبدأ العقل هجومه بالإنكار: "إهدأ قريني... تلك أوهامك المعتادة"، بينما يردّ القلب بحنينه الجريح: "نبض ما مات بسببك... رقص طربًا بالحرية".
هذا التشظي النفسي يُعبّر عن أزمة وجودية بامتياز، حيث يسائل الشاعر نفسه كما يسائل العالم من حوله: هل نحن من نحب حقًا، أم نحن ضحايا وهمٍ جميل؟ وهل أقسى من أن نكتشف أن من أحببناهم لم يبادلونا سوى السراب؟
العنوان وحده "أزمة قلبية" يحمل مفارقة لاذعة، فهو لا يشير إلى الموت العضوي، بل إلى الموت العاطفي حين يُجهَز على القلب بالخذلان، وتُغتال المشاعر الطيبة باسم التجاوز والنسيان.
في تصاعد درامي بديع، تنهار لغة الإنكار ويعترف البطل في النهاية بما حاول طمسه: "صه... أحبها". إنه اعتراف يأتي بعد موجة طويلة من الجحود الذاتي والتشكيك، لينتصر الحب في النهاية، لا كحقيقة خارجية، بل كصوت داخلي لا يموت.
"أزمة قلبية" ليست قصيدة عابرة، بل وثيقة إنسانية صادقة، تُحاكي لحظة الانكسار والتمرد والصدق في آن. إنها نداء لكل من عاش حبًا حقيقيًا وخُذِل، ولكل من ظن أن التظاهر بالقوة سينسيه مرارة الطعنة.
نصّ كهذا يُقرأ بالقلب قبل العين، ويترك في النفس أثرًا
لا يُمحى.
0 تعليقات